نصائح من ذهْب، لمن يريد البدء في صنعة الكتابة، همسات للكاتب السعيد(2)

🙂مرحبًا صديقي العزيز، هجرت مدونتي، وهذا عيب يقع فيه الكثير من الكتّاب، ولعلّ عودتي يكون فيها خير ونفع لك ولي، والآن أعود لعلّي أستطيع إكمال ما بدأت به.

كتبت منذ فترة مقالا صغيرا موجزا للراغب في تعلّم صنعة الكتابة، واليوم أخيط تلك المقالة بهذه، لعلي أمنحك ما تبحث عنه، ويروي ظمأك، وتتعلم كما تعلّمت أسرارا، يخفونها عنك، لأنّهم يريدونك أنّ تتعرف عليها بنفسك، وتكابد البحث طويلا، والقلق كثيرا، فإليك مقالتي، مختصرة، سريعة الهضم.

كلّ ما سأكتبه هنا، لا علاقة له بإحصائيات أو مراجع وأبحاث علميّة جامعية، إنّما خبرة اكتسبتها من أفواه الرجال، ومن حضور مجالس الكتابة في العالم الشبكي والكتب الإلكترونيّة، فهات سمعك وأيقظ حبّ الكتابة المدفون بين جنبات قلبك، ولننطلق🚀 

النصيحة السابعة: اكتب عن كلّ شيء

قد تبدو النصيحة غريبة، ولكنها حقيقة واضحة، اكتب عن أيّ سؤال يخطر في بالك، عرفت جوابه، أم لم تعرف، اكتب عن كلّ ما يدور في ذهنك، واكتب يا عزيزي عن كل ما سمعته أو قرأته أو رأيته.

كل يوم نُسأل أسئلة تُصنف بالعادية تارة، وبالثمينة تارة أخرى، فالأسئلة تشق طريقها من محيطنا، أومن مشاكل صغيرة تعترض عملنا، اكتب عنها ولا تخجل مهما كانت قليلة الشأن، وتافهة برأيك.

اكتب عن ما تعلمته أو تريد تعلّمه في المستقبل.

أعرف كتّابا ينتظرون سؤالا على وسائل التواصل الاجتماعيّ حتى يصنعوا منه مقالة، أو مقطع فيديو، وما أثمن هؤلاء الكتّاب، يسدون عنّا بابا واسعا من المحتوى الهابط الذي نراه يغزوا بيوتنا وهواتفنا وأسماعنا.

ما أبشع تلك الفتاة التي تأكل أمام خلْق الله وجبة الغداء وتتباهى بطعم صنف من الطعام، وتصرخ بأعلى صوتها: لذيذ، جميل 😨

وأنا أعلم علم اليقين أنّها كاذبة، وتريد أن تسوق لهذا الصنف، أخبرك يا صديقي أنّ هذا ليس بتسويق وليس بصناعة محتوى، إنّما تشويه لأذواقنا الصافية النقيّة وخلطها بأمشاج من أمراض نفسيّة لهؤلاء المرضى.

فهل اقتنعت الآن أنّك قادر على صناعة محتوى هادف ونافع لك ولمن يأتي من بعدك؟

نعود لموضوعنا الجوهريّ، اكتب عن أولاد جيرانك الذين يزعجونك ليلاً ونهارًا بصياحهم وهم يلعبون كرة القدم، وينادون بعضهم بأسماء لاعبين(ميسي، كريستيانو رونالدو) وأتباعهم ⚽️

لنبدأ لعبة خفيفة، تفيدك في الكتابة، هي عبارة عن أسئلة، وإجابتك ستكون محتوى لمقالاتك، أو لحساباتك الاجتماعية على وسائل التواصل.

  • متى استيقظت صباحا، ولماذا تستيقظ في هذا الوقت، هل صليت الفجر، أم فات موعدها.
  • هل تشرب الشاي أم القهوة، ولماذا؟
  • هل تقرأ كتابا في الصباح، ولماذا تختار هذا النوع من الكتب؟
  • هل تعمل من بيتك، أم تعمل من مقرّ شركتك، وهل زملاء العمل يحبونك، ولماذا؟
  • هل تمارس الرياضة، أم بطنك وصلت لطاولة العمل، ولا تستطيع تحريكها إلا بمساعدة شخصا آخر؟😂
  • هل تفتح حساباتك على وسائل التواصل الاجتماعيّ صباحًا، وتغرق في الردود على منشوراتك؟
  • هل تحب الكتابة صباحًا، أم ليلاً ولماذا؟
  • هل أنهيت مشاريعك المؤجّلة، ولماذا لم تزر صديقك أحمد منذ شهر؟

النصيحة الثامنة: الإحاطة شبه مستحيلة

ما المقصود بكلامك؟

قصدت أنّك لن تستطيع الإحاطة بجميع أنواع الكتابة، أو صناعة المحتوى، فسعيك للإحاطة ضرب من الجنون، وإضاعة للوقت، مهم أن تتعرف على أنواع الكتابة، وأصنافها، وأشكالها القديمة والحديثة، لكن لن تستطيع ممارسة الكتابة العامة بشكل دائم، في أغلب الحالات، ستتعلم ثلاثة أنواع من الكتابة أو أربعة، وستحبها، وستتعمق فيها، شئت أم أبيت.

إنه من الصعب، إن لم يكن مستحيلاً، أن يكون لديك إحاطة شاملة بجميع أنواع الكتابة وصناعة المحتوى، ذلك يتطلب وقتاً طويلاً وجهداً كبيراً، وفي النهاية، من غير المجدي محاولة أن تكون خبيراً في كل شيء.

لتوضيح الفكرة أكثر، دعني أضرب لك مثالا:

👩‍💻قررت أن تصبح مبرمجاً محترفاً، في صباح يوم مشمش، راقت لك الفكرة، وشمّرت عن ساعديك، وبدأت بتعلم جميع لغات البرمجة، تعلّمت لغة Python، ثم أصابك الملل، وانتقلت إلى لغة Java، وقال لك صديق بعد شهر أنّ لغة ++C مطلوبة في السوق.

في البداية، تجد المتعة في تعلم أساسيات كل لغة برمجيّة واكتشاف اختلافاتها مع مرور الوقت، ستكتشف أن كل لغة برمجيّة تتطلب فهماً عميقاً، وساعات طوال لفهم كتابة الأكواد البرمجيّة وستشعر بالإرهاق والتشتت لمحاولتك إتقان جميع اللغات البرمجيّة في وقت واحد.

ستجد نفسك في نهاية الأمر تميل نحو لغة أو لغتين تشعر بالشغف نحوهما وتستمتع بتعلمهما.

إذاً محاولة إتقان جميع لغات البرمجة مهمة شبه مستحيلة ومرهقة.

في الكتابة، الوضع مشابه، من المهم أن تتعرف على مختلف أنواع الكتابة، مثل الكتابة الإبداعية، والتقنية، والإعلانيّة، والبحثيّة، ولكنك لن تستطيع أن تكون بارعاً في كل هذه الأنواع.

النصيحة التاسعة: خاطب جمهورك بصيغة المخاطب

عندما تكتب، أو تصنع محتوى، فخاطب جميع الناس أو جمهورك المستهدف، بحسب عبارة أهل التسويق، بصيغة المخاطب المفرد.

فقل: أنتَ، أنتِ، في مقالتك، هذه الضمائر تجعلك أقرب للناس، وتجعل كل قارئ يشعر أنه هو المقصود وكلامك موجه له خصيصا، وليس لغيره ، ممّا يؤدي إلى تقوية الروابط بينك وبينه، وخلق شعور بالحميمية والتواصل مع القارئ مباشرة.

إليك مثالاً :

نفترض أنّك مقدم برنامج تلفزيونيّ، بدلاً من أن تقول للجمهور:

1- مرحباً بكم جميعاً، نحن هنا لنجعلكم تضحكون.

2- يجب أن تقول: مرحباً، أنت هنا لتستمتع وتضحك.

مقارنة بين الأسلوبين:

  • العبارة الأولى: أسلوب عام
  • العبارة الثانية: أسلوب شخصيّ

الأسلوب الشخصي يجعل الرسالة أكثر دفئاً وألفة، ويشعر القارئ بأنك تهتم به شخصياً.

النصيحة العاشرة: اكتب قصة حقيقيّة أو وهميّة

👋🏽قبل أن نفترق

للقصة سرّ لا يعرفه إلا من جربه، سواء كانت قصة حقيقيّة أو خياليّة، رويت لطلابي قصصا عن الهمزة المتطرفة، والفعل المضارع، فأحبوا ما أقول، علمًا أن قصتي ليس لها أصل في الواقع، سردت قصصا في مواقع إخباريّة وأحبّها الناس، ولم أكُ أتوقع ذلك.

استعمال السرد القصصي في الكتابة طريقة ناجحة لنقل الأفكار المعقدة أو السهلة على حد سواء.

كلنا يتذكر قصصا من الطفولة سمعها أو قرآها أو شاهدها على التلفاز، ألا تذكرون فتى الآدغال(ماوكلي)، فالقصة راسخة في عقول الناس مهما تبدلّت الأيام وتغيّرت الظروف.

فاستعملها ذكاء

👦 للطرفة: كنت أتمنى- وأنا صغير- أن ألتقي ماوكلي لأعطيه لباسا يواري جسده

صورة من موقع أنميات

لماذا السرد القصصيّ مهم؟

  • الارتباط العاطفي: القصص تثير المشاعر وتجعل القارئ يشعر بالتواصل معك ومع موضوعك.
  • سهولة الفهم: القصص تجعل الأفكار المعقدة أبسط وأسهل في الفهم.
  • التذكر: الناس يتذكرون القصص بشكل أفضل من الحقائق المجردة.

🔚الخلاصة:

ختامًا، الكتابة فنٌّ ممتع، عندما نترك خيالنا وفضولنا، فاكتب كلّ ما يخطر في بالك، ستكتشف جوانب جديدة من شخصيتك وتنمي مهاراتك بشكل لم تتوقعه، لا تتردد في التعبير عن أفكارك وتجاربك مهما بدت بسيطة، فقد تكون مصدر إلهام لغيرك.

الكتابة ليست مجرد كلمات تُسطر على الورق، بل هي رحلة نحو الذات وتفاعل مستمر مع العالم من حولك.


إطلاق مجتمع أندراس التدريبي: المجتمع الرقمي الأوّل الذي يُمكِّنك من دخول سوق عمل المحتوى الطبي

خلاط المعرفة :فن الهدوء 

مراجعة: إثنان وخمسون مدونة متوقفة عن العمل

الصورة البارزة للمقالة من موقع: pexels

3 رأي حول “نصائح من ذهْب، لمن يريد البدء في صنعة الكتابة، همسات للكاتب السعيد(2)

  1. يا صديقي!

    – الشبكة العالمية (الويب) مليئة بالتفاهة و التافهين و هو الغالبون.

    – زائر الويب مثل النحلة لا وقت له يضيعه على الازهار الخالبة من الرحيق.

    لذا حسب رأيي المتواضع يجب نشر محتوى مفيد و قصير يخلوا من الحشو و الإطناب.

    Liked by 1 person

  2. بارك الله فيك، صدقت، لكن نحتاج إلى محتوى طويل وهذا مايفرضه علينا الويب للانتشار، فالمحتوى القصير مكانه وسائل التواصل الاجتماعي، والطويل نوعا ما محله المدونات، ولاتخش أي شيء،لأن التدوين الطويل لن يموت، والمحتوى النافع موجود وإن قلّ

    إعجاب

أضف تعليق